غزة تُباد والمسلمون متخاذليين: معاناة الغزيين وسقوط النظام الدولي
منذ سنوات طويلة، تعاني “قطاع غزة” وشعبه من أمور لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية. فقد أصبحت غزة ساحة للدمار والمعاناة، حيث يعيش السكان تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وحصاره المستمر، دون أدنى احترام لحقوق الإنسان أو القانون الدولي.
غزة تُباد والمسلمون متخاذليين |
يواجه الفلسطينيون في غزة واقعًا مريرًا يتمثل في الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، حيث تعيش القطاع في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة للغاية. القصف المستمر والحصار الاقتصادي يعمقان الأزمات الإنسانية، مما يؤدي إلى نقص حاد في الموارد الأساسية مثل المياه والكهرباء والغذاء، مع تضرر بنية التحتية والمرافق الصحية.
وما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا هو الصمت المطبق على معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث يتجاهل المجتمع الدولي والمسلمون بشكل عام هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة. فبينما يُظهر بعض الدول والمنظمات الدولية تعاطفًا مؤقتًا، يبقى الوضع على حاله، مما يعكس فشلًا مروعًا في حماية حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
وبعد الهجمات الأخيرة من “سابع من أكتوبر” على أراضي المحتلة من أراضي الفلسطينيين، شنت “حركة حماس” والمقاومة الفلسطينية هجوماً بطولياً على أراضيهم المحتلة، ونجحوا في القضاء على بؤر الاستيطان وتدمير القواعد العسكرية على أطراف وغلاف غزة.
وأثرت هذه العملية المئات وقتلت كذلك المئات من جنود الاحتلال المجرمة، كانت فخراً ونصراً مؤزراً للفلسطينيين. فقد فرح فيها المسلمون عامه حول العالم ببطولات أهل غزة وكيف شنوا هذه العملية البطولية على الاحتلال الذي يحتل أرضهم.
بعد هذه الأعمال البطولية من قبل المقاومة الفلسطينية، شن الاحتلال الإسرائيلي عملية انتقامية وجريمة بمعنى الكلمة أمام أعين العالم بأسره، حيث لا يستطيع أن يقضي على حركة حماس. فحركة حماسية داخل الأنفاق وليس بين السكان كما يزعم الاحتلال. شن الاحتلال الإسرائيلي غارات واسعة على مناطق وقطاع غزة، فقد قتلت المئات وجرحت الآلاف وما زالت تقتل حتى يومنا هذا. فقد قتلت أكثر من 30,000 وجرحت أكثر من 100,000، وما زالت المعاناة مستمرة لليوم 156، وما زال القذف والدمار مستمرًا على قطاع غزة.
أما بالنسبة للحرب الأقوى والأبشع، فهو التجويع. يستخدم الإحتلال اليوم سلاح التجويع ضد الغزيين أمام ومرأى ومسمع العالم الإسلامي والغربي وجميع أنحاء العالم؟.
يعاني سكان “قطاع غزة” من الجوع والسوء التغذية من أجل استسلامهم أمام سلاح الدمار والتجويع من قبل الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، يرفض سكان قطاع غزة الركوع أمام قوة وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، فهم أهل عقيدة وأهل نخوة وكرامة، فهم لا يرضون بالذل حتى لو كان على أشلاء أطفالهم. وحتى إن كانوا يموتون من الجوع والقذف والدمار، فإنهم يتحملون كل هذا مقابل كرامتهم وعقيدتهم ودينهم. وأمام الدفاع عن أقصاهم، فإن أقصاهم بالنسبة لهم كل شيء، فلن يركعوا ولن يستسلموا للعدو له الاحتلال الإسرائيلي. فهم يعلمون أنه إذا ماتوا شهداء، فإنهم أبطال ورجال.
وماذا عن المسلمين، الذين الآن متخاذلون أمام غزة وأمام أهل غزة وأمام أهل فلسطين؟ فهم لا ينصرون غزة إلا في الكلام وفي الشبكات التواصل الاجتماعية. فقد أصبحوا متخاذلين بمعنى الكلمة.
خرج أبو عبيدة في الأمس وقال كلمته الشهيرة التي زلزلت العالم كلها:
“استقبلنا رمضان بذروة سنام الإسلام بالجهاد والقتال،
يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا .. لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ خَدَّهُ بدموعِهِ .. فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ”.
في هذه الكلمات، زلزل العالم الإسلامي وأوضح للعالم أن “خادم الحرمين يلعب في العبادة وأنه متخاذل لأهل غزة وفلسطين عامة وللمسلمين بشكل عام”. فلن نرى منهم أي قوة أو عزة أو دفاع عن المسلمين سوى الكلام، والذي يمكن أن يُقَدِّمه ويتحدث به أي طفل. بل إن أهل غزة وفلسطين يشهد الله لهم في الفصاحة في الكلام.
وكل مسلم أيضًا قادر على التكلم، لكن من الذي بيده القوة وبيده الجيش وبإمكانه أن يرسل طائرات وجيش ويدافع عن أهل غزة عسكريًا وبالقوة؟، لكنه لا يفعل لأنه خائن وعميل للاحتلال وللغرب. وأصلاً، من وضعهم سوا الغرب على رقاب المسلمين.
قدوم شهر رمضان المبارك، ها قد أتى شهر رمضان المبارك والمسلمون يهللون ويكبرون حول العالم، فرحين في هذا الشهر المبارك ويجهزون الأطعمة والمأكولات والحلويات لشهر رمضان. وأهل غزة كل يوم يحاولون ويقاتلون من أجل رغيف الخبز، ولا توجد خبز، مع الأسف، فهم يخرجون في النهار وفي الصباح ولا يأتون للمساء للتأمين بعضا من الطحين الملطخ في الدماء. فكيف سيستقبلون شهر رمضان المبارك وكيف سيصومون في هذا الشهر المبارك؟ فلا نقول لهم إلا.
“صَبْراً آلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُم الجَنَّة”.
يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه وأمه أمية فهم أول شهيدة في الإسلام، وأبو ياسر وأخوه عبد الله من السابقين إلى إعتناق الإسلام. فكانوا المشركون في مكة يعذبونهم، وكانوا من المستضعفين، فلم يكن لهم أهل ولا عشائر في مكة يحكمونهم المشركون وينزلون عليهم العذاب الشديد. فمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: “صَبْراً آلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُم الجَنَّة”. فكانت هذه الكلمات سكينًا على قلوبهم وعلى أن يصبروا على ما أصابهم. فكانوا من أعظم الشهداء عند الله تعالى، وما زالت سيرتهم تذكر إلى يومنا هذا.
في نهاية المطاف، سينتصر أهل غزة وسينتصر الإسلام والمسلميين، وستقف الحرب المدمرة، وسيهزم الاحتلال بإذن الله تعالى، وسيُسجَّل في تاريخ انتصار أهل غزة وخذلان العالم والمسلميين وحكام المسلمين، وهم جميعًا، وكلهم، ودون أي استثناء، متورطون في دماء أهل غزة. فهذا هي الحقيقة يجب أن تنطق، يكفينا هواءً وخداعًا لأنفسنا، ويكفي أن نقول إننا “لا نستطيع فعل شيء“، نحن قادرون على فعل الكثير ولكننا خائفون. هذه هي الحقيقة، نحن خائفون، ونبرر هذا الخوف بحجج واهية. شكرًا لكم على خذلانكم.